اختتمت مساء أمس أعمال المؤتمر الرابع لمنظمة التعاون الإسلامي حول الوساطة “تجارب وآفاق” الذي نظمته وزارة الخارجية السعودية بالتعاون مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي على مدى يومي 5-6 حزيران في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية.
وافادت وكالة (يونا)بانه خلال جلسات المؤتمر، أكد المتحدثون أنَّ” الوساطة والمساعي الحميدة تمثل أفضل وسائل فض النزاعات، لافتين إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية، والتحلي بالحيادية، مع احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وأشاروا إلى أن القيم الإسلامية تمثل عوامل مؤسسة في فض النزاعات، مشددين على أهمية مراعاة الحساسيات الثقافية لأطراف الوساطة، واستلهام الموروث الديني والثقافي والعادات والتقاليد الحميدة الخاصة بالمجتمعات المتأثرة بهذه النزاعات.
وحض المتحدثون في الجلسات على العمل على “تفعيل دور المرأة والشباب في جهود الوساطة وضمان مشاركة الفئات المتأثرة بصورة مباشرة بالنزاع، وأن تمتلك الأطراف المتفاوضة قيادة المفاوضات أثناء الوساطة”. كما دعوا إلى “استثمار تكنولوجيا المعلومات والتقنية الحديثة في عمليات الوساطة، والتعرف على أسباب النزاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن تكون عملية الوساطة متزامنة مع عملية بناء السلام”.
وشددوا على “ضرورة أن تكون الوساطة متعددة الأبعاد وألا تركز فقط على مسار الحوار المباشر بين طرفي النزاع وإنما تمتد لتشمل الدعم الفني واللوجيستي والتدريب”.
وأكدوا “أهمية الشراكات بين المنظمات الإقليمية والدولية نظرا لأنه لكل إمكاناتها ونقاط قوتها في الوساطة”.
وأشار المتحدثون إلى “أهمية أن تقوم الوساطة بتنبيه أطراف النزاع بعواقب عدم التوصل إلى حل سلمي، لافتين في هذا الصدد إلى أن وسائل الضغط والعقوبات يمكن أن تسهم في إنجاح المفاوضات”. وأوضحوا أنَّ” الوساطة ليست لديها سلطة اتخاذ القرار وإنما تساعد أطراف النزاع على اتخاذ قراراتها”. وحضوا الوسطاء على” تبني منهج البساطة والسرعة في التيسير بين أطراف النزاع، واستخدام لغة مناسبة تراعي مواقف ووجهات نظر الأطراف، وأن تتسم الوساطة بالاستعداد والمرونة والاتساق”.
السحيباني
ونقل مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي الدكتور صالح بن حمد السحيباني في تقرير ختام جلسات المؤتمر شكر وتقدير الوفود المشاركة لحكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يحفظهما الله. وأشادوا بالإمكانات التي وفرتها وزارة الخارجية السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي في سبيل إنجاح هذا المؤتمر المهم الذي يأتي في ظروف حساسة تعصف بالعالم، منوهين في الوقت نفسه ب”التنوع والثراء في جلسات المؤتمر والنقاشات والأفكار البناءة التي خرج بها هذا المؤتمر لا سيما في الوقت الراهن”.
كما تقدَّم المندوب الدائم بالشكر الجزيل لجميع الوفود والمنظمات والمراكز والشخصيات من ذوي الخبرة والمعرفة التي شاركت في هذا المؤتمر وحضرت أعماله، معبرا عن شكره للأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي على تعاونها المثمر مع وزارة الخارجية السعودية في سبيل إنجاح المؤتمر وأعماله.
وأوضح السحيباني أن “عدد الدول التي شاركت في المؤتمر بلغ قرابة 50 دولة، إضافة إلى 10 منظمات تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي وست منظمات إقليمية ودولية، و13 دولة مراقبة لدى المنظمة، إلى جانب جميع مبعوثي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي لأفريقيا وميانمار وأفغانستان وجامو وكشمير، وعدد من المراكز البحثية المتخصصة والجامعات المهتمة في السعودية وخارجها”.
وقال السحيباني: “إن المملكة العربية السعودية واستمرارا لنهجها الداعم لقرارات منظمة التعاون الإسلامي منذ إنشائها وباعتبارها رئيس القمة الإسلامية الحالية فقد قامت خلال في هذا الأسبوع بتنفيذ قرارين مهمين من قرارات مجلس وزراء الخارجية لدول منظمة التعاون الإسلامي، حيث يأتي هذا المؤتمر الذي تم اختتام أعماله اليوم تنفيذا لقرار المجلس الوزاري رقم 53 / 48 – س في ما يخص الوساطة، وكذلك تنفيذ قرار طلب الدعم للصندوق الاستئماني الإنساني لأفغانستان والذي تم تأسيسه خلال اجتماع الدورة الثامنة والأربعين لمجلس وزراء الخارجية في إسلام آباد بجمهورية باكستان الإسلامية”.
كما عدد المندوب السعودي الدائم أهداف هذا المؤتمر والتي من أبرزها تبادل الخبرات الإقليمية والعالمية الفاعلة في مجال الوساطة ومنع النزاعات وتسويتها، والعمل على تفعيل دور الدبلوماسية الوقائية في هذا المجال، إضافة إلى مناقشة التحديات والصعوبات التي تواجه جهود الوساطة، وكذلك سعى المؤتمر إلى تعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي في مجال السلم والأمن الإقليمي والعالمي، وخلق آلية جديدة للوساطة من خلال ما يتوافر لدى المنظمة من إمكانات وقدرات على حل النزاعات خصوصا في ظل الإحصائيات التي تشير إلى أن أكثر من 60% من النزاعات تقع في النطاق الجغرافي لمنظمة التعاون الإسلامي”.
واعتبر السحيباني “أنَّ هذا يعتبر بلا شك علامة فارقة في تاريخ الأمانة العامة للمنظمة ومبادرات المملكة الحيوية الداعمة لتنفيذ قرارات المجلس الوزاري، باعتبارها من الدول المبادرة دوما والسباقة في هذا الشأن”، مؤكدا “أن توجيهات قيادة المملكة العمل نحو تفعيل أدوات العمل الإسلامي المشترك بما يخدم ميثاق منظمة التعاون الاسلامي وأهدافها”، وقال: “ان المملكة إذ تتحرك في سبيل تنفيذ هذه القرارات، فإنَّ جهودها تتضافر وتتطلع بلا شك إلى تضافر الجهود الأخرى والحراك الذي تقوم به الدول الأعضاء الأخرى في هذا السبيل، متطلعا بأن تقوم الأمانة العامة للمنظمة بمتابعة تنفيذ القرارات مع الدول الأخرى لتحقيق الحيوية والفاعلية”.
الضبيعي
بدوره، قال الأمين العام المساعد للشؤون السياسية لمنظمة التعاون الإسلامي السفير يوسف الضبيعي: “إن الأمانة العامة للمنظمة ترحب بأي مقترح جديد في ما يتعلق بمؤتمر الوساطة وتطوير أدوات العمل في الوساطة”.
وتناول الضبيعي أهم ما خلص إليه المؤتمر من أفكار ومناقشات، مشيرا في هذا الصدد إلى “استكمال إنجاز شبكة الوسطاء من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، واستخدام شبكة الوسطاء لإرسال بعثات تقصي الحقائق، والعمل على وضع آليات الإنذار المبكر على المستويين الوطني والإقليمي، ودعم قيام مراكز متخصصة في دراسة الوساطة وبناء والقدرات”.
كما أشار إلى أن “المؤتمر خلص أيضا إلى تعميم الوساطة في هيكلية منظمة التعاون الإسلامي استرشادا بجهود الإصلاح الشامل لمنظمة التعاون الإسلامي التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال ترؤسه الكريم للقمة الإسلامية الـ14 التي عقدت في مكة المكرمة، ومواصلة النقاش حول تفعيل محكمة العدل الإسلامية بخاصة في ظل الظروف والتحديات الأمنية والصراعات المعقدة، وتفعيل فريق الاتصال المعني بالسلم، والبدء في الإعداد لمؤتمر الوساطة الخامس، وتوسيع دائرة الشراكات الإنسانية”.