أكد تقرير “آفاق الاقتصاد الإقليمي” لصندوق النقد الدولي أن البلدان المصدرة للنفط، لا سيما بلدان مجلس التعاون الخليجي، ستستفيد من تعافي الطلب العالمي، وارتفاع أسعار النفط بعد جائحة كورونا، خاصة مع ارتفاع معدلات التلقيح بين دول المجلس.
وبلغت معدلات التلقيح في جميع بلدان مجلس التعاون الخليجي بالفعل 40 بالمئة من السكان ويُتوقع أن تصل إلى 60 بالمئة مع نهاية 2021. وبالرغم من ذلك، تواصل بلدان عديدة فرض القيود الاقتصادية والاجتماعية، مما سيكون له تأثير سلبي على الآفاق الاقتصادية لحين احتواء الجائحة، بحسب التقرير.
وشمل التقرير توقعات اقتصادية عن البلاد المصدرة للنفط، وهي دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة للجزائر وإيران والعراق وليبيا واليمن. ومن هذه التوقعات ارتفاع إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بهذه الدول بنسبة 4.5 بالمئة عام 2021، و4 بالمئة عام 2022، إن تم استثناء بيانات ليبيا، نتيجة تعافي معدلات إجمالي الناتج المحلي النفطي وغير النفطي.
ومن المتوقع تحسن النشاط النفطي بنسبة 5.3 بالمئة و4.4 بالمئة عام 2021 و2022 على التوالي، وهو ما يعكس ارتفاع إنتاج النفط في ليبيا وتوسع العرض تدريجيا في بلدان أوبك+ عقب أغسطس 2021 .
كذلك سيساهم نشر اللقاحات وارتفاع أسعار النفط في دعم الثقة والنشاط في القطاع غير النفطي الذي يُتوقع أن يشهد تحسنا بنسبة 3.9 بالمئة و3.4 بالمئة في 2021 و2022 على التوالي.
وعلى المدى المتوسط، يُتوقع احتواء خسائر إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بشكل أكبر في البلدان المصدرة للنفط مقارنة بالدول الأخرى، ومن المتوقع أن تبلغ ذروة التضخم في بلدان مجلس التعاون الخليجي 2,8 بالمئة عام 2021.
وأكد التقرير أن ارتفاع أسعار النفط والصادرات سيساهم في تعزيز المركز الخارجي للبلدان المصدرة للنفط، حيث يُتوقع أن تسجل أرصدة حساباتها الجارية فائضا قدره 3.6 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2021، وهو ما يتجاوز مستويات ما قبل الجائحة مقابل عجز قدره 1.9 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2020. كما يتوقع تراجع هذا الفائض تدريجيا على المدى المتوسط في ظل الاستقرار المتوقع في أسعار النفط.
كما يتوقع التقرير زيادة إجمالي الاحتياطيات الرسمية بمقدار 95 مليار دولار أميركي لتصل إلى تريليون دولار تقريبا عام 2021، بتعديل التوقعات بزيادة أكثر من 100 مليار دولار منذ توقعات شهر أبريل.
ووفقا للتقرير، من المتوقع تراجع عجز المالية العامة اعتبارا من عام 2021 نتيجة التعافي الحالي وارتفاع أسعار النفط وانقضاء التدابير ذات الصلة وجهود الضبط المالي. ولكن الدين الحكومي كنسبة من إجمالي الناتج المحلي يرجح أن يظل متجاوزا مستواه قبل الجائحة على المدى المتوسط رغم تراجعه عن مستويات الذروة التي بلغها خلال الأزمة.
ونتيجة لذلك، يُتوقع أن يظل إجمالي الاحتياجات التمويلية العامة مرتفعا بحيث يبلغ 473 مليار دولار أميركي ككل خلال الفترة 2021-2022 مقابل 310 مليارات دولار أميركي خلال الفترة 2018-2019.
تعافي الشركات في الدول النفطية
طبقا للتقرير، ارتفعت البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل غير مسبوق بلغ 3 نقاط مئوية لتصل إلى 5,4 بالمئة في عام 2020 – وهو أعلى معدل بطالة كلي في تاريخ هذه الدول، وفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية.
وأكد التقرير أن تعافي الشركات في البلدان المصدرة للنفط متأخر عن التعافي في البلدان المستوردة للنفط. فبرغم انكماش الإيرادات في البلدان المصدرة للنفط بنحو نصف حجم تراجعها في البلدان المستوردة للنفط خلال النصف الأول من عام 2020، فقد تعافت الإيرادات والربحية في البلدان المستوردة للنفط بوتيرة أسرع بحلول نهاية عام 2020، وظل أداؤها متقدما خلال الربع الأول من عام 2021، مما يعكس الاتجاهات العامة في الأسواق الصاعدة الأخرى.
وذكر التقرير أن هناك سببين رئيسيين لهذا التفاوت. السبب الأول هو الدور الكبير الذي تلعبه القطاعات كثيفة الاعتماد على الاتصال المباشر في الدول المصدرة للنفط، ويقصد الصناعات التي تعتمد على تواجد عدد ضخم من الناس بأنفسهم لممارسة الأنشطة، مثل السياحة والسينما والتسوق في المولات وغيرها. وهذه الصناعات تلعب دورا في اقتصاد الدول المصدرة للنفط أعلى 20 بالمئة من الدول المستوردة له.
وكانت الشركات في هذا القطاع هي الأكثر انكشافا وعرضة للتعثر في سداد القروض بمجلس التعاون الخليجي.
والسبب الثاني هو أن الضربة التي تعرضت لها هذه الصناعات أدت لفقدان أعداد هائلة من وظائف الوافدين في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي كانت تمثل 70 بالمئة من القوى العاملة فيها قبل الجائحة.
وتضم دول مجلس التعاون الخليجي، أعلى نسب عمالة مهاجرة بين سكانها في سن العمل على مستوى العالم، وحين أدت الجائحة إلى تراجع توظيف العمالة المهاجرة بشكل حاد، ظهر ذلك في شكل آثار سلبية على الاستهلاك المحلي لتلك العمالة وتحويلاتها الخارجية.
وأوصى التقرير بضرورة تقليص دور القطاع العام في التوظيف وأشار إلى أن السماح للعمال المهاجرين بمجلس التعاون الخليجي بقدر أكبر من المرونة للتنقل بين الوظائف (مثلما فعلت قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) في التوظيف سيعود عليهم بالنفع من خلال حصولهم على أجور أعلى.
الحرة