محللون ومسؤولون فلسطينيون، أكدوا على عمق الروابط التاريخية بين مصر وفلسطين اضافة للدور المصري تجاه القضية الفلسطينية لا سيما قطاع غزة
غزة: من محمد المدهون
ما أن وضعت الحرب الاسرائيلية الأخيرة أوزارها في أيار/ مايو الماضي، دخلت الى قطاع غزة آليات ومعدات مصرية ثقيلة للمساهمة في ازالة ركام وحطام المباني المدمرة.
يأتي ذلك ضمن الجهود الرسمية المصرية الساعية للمساهمة في اعادة اعمار قطاع غزة بعد إحدى عشر يوما من أعنف عدوان اسرائيلي، بعد أن نجحت القاهرة في وقف العدوان الاسرايئيلي، الذي خلف 260 شهيدا ومئات المصابين جلهم أطفال ونساء.
في السابق كان الدور المصري يركز على الجانب السياسي والأمني المتمثل كوسيط بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي.
ويرى مراقبون أن الدور المصري القوي في القطاع في هذه المرحلة، يأتي للحد من الدور القطري الداعم لحركة “حماس” بغزة.
ونفذت قطر مشاريع مختلفة في غزة بملايين الدولارات، منها مدينة سكنية ضخمة ورصف شوارع وطرق رئيسية، اضافة الى منحة مالية بملايين الدولارات للأسر الفقيرة.
مشاركة مصر ورصدها 500 مليون دولار أمريكي للمساهمة في اعادة اعمار القطاع، ووصول وفود هندسية مصرية الى غزة آثار العديد من الشكوك حول ذلك الدور وفي مقدمته محاولات اسرائيل رمي غزة في أحضان مصر والتخلص من القطاع لدفن مسؤولية الإحتلال كقوة احتلال وفق القوانين الدولية.
وحكمت مصر غزة من 1948 حتى 1967 بعد حرب حزيران، وكان هناك حاكم مصري للقطاع وقصر باسمه دمرته طائرات الاحتلال في جولة قتال سابقة.
“الحدث السياسي” التقى محللين ومسؤولين فلسطينيين، أكدوا على عمق الروابط التاريخية بين مصر وفلسطين، اضافة للدور المصري تجاه القضية الفلسطينية لا سيما قطاع غزة، لكنهم حذروا من المخططات والنوايا الاسرائيلية التي تريد التخلص من عبء غزة.
محمود الزق: اسرائيل لا تريد ان تتجه عيون غزة نحو الشرق
عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني محمود الزق، أكد أننا كفلسطينيين نثق بالموقف المصري ، والذي ينبع من ارادة مصرية بمساعدة أهالي قطاع غزة.
وتابع الزق لـ “الحدث السياسي” “مصر تعتبر قطاع غزة جزءا من فلسطين ودفعت الاف الشهداء من اجل فلسطين وخاضت حروبا عديدة واختلط الدم المصري بتراب فلسطين.”
وأضاف القيادي الفلسطيني، “أنا واثق من أن هناك تنسيقاً بين القيادتين المصرية والفلسطينية من جهة اعادة اعمار غزة”، مشيرا الى أن وفداً رسميا فلسطينياً توجه الى القاهرة لتنسيق المواقف بخصوص ذلك الموضوع.”
وعبّر الزق عن أسفه لاستمرار “حماس” واصرارها على استبعاد اي جهد حكومي رسمي في قطاع غزة أنه في ظل الانقسام الأسود”، مضيفا أن الحل الانسب لهذه المهمة هو قيام الشقيقة مصر بمهمة اعادة اعمار ما دمره الاحتلال في غزة.
وكانت صحيفة “جيروزاليم بوست” الاسرائيلية نشرت بعد توقف الحرب الاسرائيلية على غزة تقريرا تساءلت فيه “هل تخطط مصر لاستعادة السيطرة على قطاع غزة؟”، وطرحت فيه تساؤلات عن نوايا مصر بشأن “إعادة حكمها” على قطاع غزة، حسب زعمها وذلك تعليقا على مشاركتها في عملية إعادة إعمار القطاع.
وادعت الصحيفة الاسرائيلية أن مشاهد دخول عشرات الجرافات والشاحنات المصرية إلى قطاع غزة، دفع بعض الفلسطينيين إلى التساؤل عما إذا كانت مصر تخطط للعودة إلى القطاع الذي حكمته بين عامي 1948 و 1967.
ويرد الزق، “بالتأكيد اسرائيل لا تريد ان تتجه عيون غزة نحو الشرق الى فلسطين، فهي تحاول تحميل مصر مسؤولية غزة، وأن اسرائيل ما زالت مسؤولة عن قطاع غزة بصفتها تحتله وفقا للقانون الدولي لان غزة لا تمتلك سيادة برية ولا بحرية ولا جوية، الكلمة الحقيقية هي للاحتلال الاسرائيلي.”
وأكد أن أي محاولة للتشكيك في الموقف المصري وجعله يتناقض مع الموقف الرسمي الفلسطيني هي محاولات تستهدف الاساءة للقيادتين المصرية والفلسطينية، مشددا على أن الموقف المصري هو ثابت تجاه القضية الفلسطينية حتى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
وشنت قوات الاحتلال الاسرائيلي 4 حروب ضد قطاع غزة المحاصر منذ سيطرة حركة “حماس” على مقاليد الحكم في الشريط الساحلي.
وترتفع نسب البطالة والفقر في صفوف الفلسطينيين بسبب الحصار الاسرائيلي لتصل الى أكثر من 50%.
محلل سياسي: مصر أعادت الاعتبار لدورها الاقليمي
من جانبه، قال المحلل والكاتب السياسي طلال عوكل لـ “الحدث السياسي”: “إن مصر أعادت الاعتبار لدورها الاقليمي في التعامل مع الملفات المتعلقة بالوضع الفلسطيني الاسرائيلي سواء بالضفة الغربية وقطاع غزة.”
وأكمل قائلاً: “يبدو أن مصر حصلت على دعم دولي وأمريكي وأوروبي للدور الذي تقوم به بغزة، وذلك بعد أن نجحت حتى الان في تحقيق ترتيبات تؤدي الى الهدوء وبعدها تفعيل ملف اعادة الاعمار لتجاوز العقبات التي اعترضت هذه العملية قبل أشهر.”
وكانت قوات الاحتلال تفرض قيودا مشددة على ادخال مواد البناء والاعمار الى قطاع غزة، وذلك عن طريق الأمم المتحدة.
ورداً على سؤال حول محاولات اسرائيل لرمي غزة في أحضان مصر، قال عوكل: “هي محاولة اسرائيلية فاشلة لاخلاء مسؤوليتها القانونية والاخلاقية كدولة احتلال عن القطاع.
وأضاف، “أن هذا الدورالمصري تجاه غزة لا يعني أن القطاع ازيح نحو مصر وان القاهرة وافقت على احتضان غزة بطريقة تعفي اسرائيل من مسؤوليتها كدولة احتلال”، مذكرا بأن اسرائيل حاولت عندما أخلت مستوطناتها بقطاع غزة عام 2005 أن ترفع يدها عن الشريط الساحلي كدولة احتلال ولكنها تبقى مسؤولة عنه وفقا للقانون الدولي.”
وعن التقارب المصري الحمساوي، علق عوكل قائلاً: ” للطرفين مصالح مشتركة”.
نقيب المقاولين نثمن الدعم العربي والخسائر المباشرة مليار دولار
للوقوف على المشاريع المصرية ضمن ضمن جهود اعادة الاعمار، ثمن نقيب المقاولين الفلسطينيين المهندس علاء الدين الأعرج، أي دور عربي سواء مصري أو كويتي أو قطري، وأي دور دولي.”
وقال الأعرج لـ “الحدث السياسي” “مصر تعهدت بتقديم 500 مليون دولار ضمن منحة كمساهمة لاعادة اعمار قطاع غزة.”
بعد أن وصلت الآليات المصرية الثقيلة الى قطاع غزة، شاركت بازالة الركام من المباني المدمرة وذلك ضمن المرحلة الأولى من الخطة المصرية لاعادة اعمار قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة أضاف الأعرج.
أما المرحلة الثانية حسب الاعرج فتمثلت بالبدء باعادة تأهيل شارع الرشيد الساحلي شمال مدينة غزة قبل اسبوعين.
بينما المرحلة الثالثة فتشمل اقامة مدينة سكنية تضم حوالي 2500 و
حدة سكنية لم تحدد حتى الآن مكان وموعد اقامتها، لافتا الى أنه سيليها مراحل ومشاريع أخرى في مجال البنية التحية مثل: انشاء كوبري في منطقة الشجاعية واعادة بناء بعض الأبراج المدمرة.
وأوضح نقيب المقاولين الفلسطينيين، أنه تم التفاهم مع الأشقاء المصريين على طرح عطاءات اعادة الاعمار على مقاولين فلسطينيين، بينما يتمثل الدور المصري هنا بتوريد مواد الاعمار من مصر وخصمها من ضمن المنحة المصرية.
وحول حجم الأضرار الناتجة عن الحرب الأخيرة، كشف الأعرج أن الخسائر حوالي مليار دولار أمريكي في قطاعات الاسكان والبنى التحتية، مشيرا الى تدمير 35 بناية متعددة الطوابق (أبراج) اضافة الى الخسائر في البنية التحتية وهذا لا يشمل الخسائر غير المباشرة للمصانع والورش ما أدى الى ارتفاع معدلات البطالة.
وبين الأعرج أن هناك خسائر تقدر 2 مليار دولار ناتجة عن حروب سابقة لم يصل منها شيئاً، مذكرا بأن المانحين في مؤتمر شرم الشيخ بعد الحرب الأولى عام 2008 تعهدوا بتقديم 5 مليارات دولار وصل قطاع غزة منها ما نسبته 10%.
ودعا النقيب المجتمع الدولي والجهات المانحة الى دعم الاقتصاد الفلسطيني في غزة والذي يعاني منذ أكثر من 21 عاما.